يعد الفحص التحليلي من اكثر الأدوات المستخدمة من قبل المراجع وذلك لكونها تساعد في تحديد وتشخيص المشاكل المحتملة والهامة نسبيا، وذلك بأقل التكاليف وبالتالي يستطيع المراجع تحقيق الكفاءة في أداء عملية المراجعة.
ونظرا لأهمية هذا الأسلوب وانتشار استخدامه في عمليات المراجعة، تم تناول هذا الموضوع في فصل مستقل في بعض الكتب ، وبعد اطلاعي على بعض هذه الكتب وجدت أنها تدور حول ستة محاور رئيسية في تناولها للمراجعة التحليلية ، وهذه المحاور هي
1. مفهوم الفحص التحليلي
من خلال اطلاعي على الادب وجدت أن كل منها يعرف الفحص التحليلي من زاوية معينة ، فمنها ما يركز في التعريف على الهدف من الفحص التحليلي ، واخر على طرق الفحص التحليلي ، واخر يجمع بين الاثنين – طرق واهداف- فرأيت أن أوردها جميعها واختار الاشمل منها :
أ. عرف معيار المراجعة الأمريكي رقم 56 المراجعة التحليلية بأنها عملية تقييم المعلومات المالية وذلك للحكم على معقولية العلاقات بين البيانات المالية وغير المالية.
ب. كما عرفها المعيار الدولي للمراجعة رقم 520 بأنها تعني تحليل النسب والمؤشرات المهمة وبحث التقلبات والعلاقات التي تكون متعارضة مع المعلومات الأخرى ذات العلاقة او تلك تنحرف عن المبالغ المتنبأ بها . كما تتضمن المراجعة التحليلية دراسة العلاقات بين عناصر المعلومات المالية والمعلومات غير المالية ذات العلاقة.
جـ. وكما عرفتها نشرة معايير المراجعة رقم 23 بأنها دراسة ومقارنة العلاقات بين البيانات المسجلة ، والبيانات يمكن ان تكون عبارة عن القيم المالية او الكميات المادية او النسب او المؤشرات والمعدلات.
د. كما يمكن تعريفها بأنها "الاختبارات الأساسية التي تتضمن دراسة وتقييم العلاقات بين عناصر المعلومات المالية وغير المالية ، ومقارنة هذه العلاقات والأرصدة الدفترية بتقديرات المراجع للعلاقات والأرصدة المتوقعة وفحص التغييرات الجوهرية" (1) .
هـ. ويمكن تعريفها أيضا بأنها "إحدى وسائل المراجعة التي يلجا إليها المراجع للتعرف على المؤشرات الخاصة بالمشروع مقارنا بفترات سابقة أو بقطاعات مماثلة على مستوى النشاط" (2) .
بالنظر والتمعن في هذه التعريفات نجد أن المعيار الدولي يركز على كل من طرق واهداف المراجعة التحليلية لذلك فان هذا التعريف يعتبر اكثر شمولية من باقي التعريفات .
أن الهدف الأساسي - كما يبين المعيار الدولي- من المراجعة التحليلية هو تحليل العلاقات بين بيانات القوائم المالية ، والتعرف على تلك العلاقات الغير متوقعة للتركيز على فحصها مما يساعد في تخطيط عملية المراجعة وتصميم خطة وبرنامج المراجعة الملائم.
ويمكن للمراجع استخدام طرق مختلفة لتحقيق هذا الهدف تتراوح بين المقارنات البسيطة والتحليلات المعقدة التي تستعمل تقنيات إحصائية متقدمة.
ويجب ان نلاحظ ان المراجعة التحليلية ليست أداة مراجعة قاصرة على إجراءات المراجعة المتعارف عليها والتي تتطلب تقريرا عن نتائج المشروع عن السنة المالية ومركزه المالي في نهاية السنة المالية ، وانما تستخدم المراجعة التحليلية في الفحص الخاص والذي يتطلب فحص حسابات لأغراض متعددة مثل منح قرض وشراء مشروع قائم والدخول كشريك في شركة أشخاص او استثمار جديد في شركة أموال .....الخ.
وهذا الفحص التحليلي قد يتم عن طريق :
- مقارنة القوائم المالية بالقوائم المالية الخاصة بفترات سابقة (تحليل أفقي).
- مقارنة القوائم المالية مع النتائج المتوقعة والمركز المالي (الموازنات).
- مقارنة المعلومات المالية للشركة بمتوسطات الصناعة او النشاط الاقتصادي القابلة للمقارنة.
- دراسة العلاقات بين عناصر القوائم المالية التي يكون من المتوقع ان تخضع لسلوك يمكن التنبؤ به وذلك بناء على خبرة المنشاة او ما هو متعارف عليه في النشاط الذي تعمل فيه المنشاة.
2. أسباب استخدام الفحص التحليلي
ان أهم أسباب استخدام الفحص التحليلي ترجع الى مساعدة المراجع في النواحي التالية:
أ. المساعدة في فهم طبيعة اعمال العميل وتحديد مناطق الخطورة المحتملة... لكي يستطيع المراجع تقدير مخاطر المراجعة واختيار المعاونين له في عملية المراجعة وتوقيت إجراءات المراجعة لا بد له ان يتفهم أولا طبيعة اعمال العميل.
حيث يقوم المراجع بمقارنة معلومات السنة الجارية والتي لم تتم مراجعتها بعد بمعومات السنة السابقة التي تم مراجعتها ذلك يمكنه من الكشف عن التغيرات الجوهرية التي تستحق زيادة الاهتمام بها والتوسع في فحصها وتجميع الأدلة. وبذلك يمكنه تخطيط وتحديد طبيعة وتوقيت ومدى إجراءات المراجعة.
مثلا ، اذا وجد المراجع ان هناك انخفاض مستمر في نسبة مجمل الربح قد يدل على زيادة المنافسة في السوق الذي تعمل فيه الشركة محل المراجعة مما يجعله يهتم عند المراجعة بتقييم المخزون.
مثال آخر، اذا وجد المراجع زيادة كبيرة في رصيد الأصول الثابتة فهذا يعني ان هناك إضافات كبيرة تمت على الأصول خلال السنة محل المراجعة لذلك يجب عليه ان يقوم بفحصها.
ب. المساعدة في تقدير قدرة الشركة على الاستمرار ... عندما يقوم المراجع بتقدير مخاطر المراجعة يجب عليه دراسة وتقييم قدرة الشركة على الاستمرار – على الأقل سنة- وهنا قد يستخدم المراجع النسب المالية . فعندما يجد المراجع ان نسبة الديون طويلة الأجل الى حقوق الملكية أعلى من الصناعة او مرتفعة من سنة لأخرى ، مقرونة في ذلك الوقت بانخفاض مستمر في متوسط نسبة الأرباح الى إجمالي الأصول وانخفاض نسبة السيولة فان كل ذلك يبين وجود شك كبير بشان قدرة الشركة على الاستمرار.
جـ. تساعد في التعرف على مجالات الأخطاء المحتملة في القوائم المالية ... عندما يجد المراجع اختلافات غير متوقعة بين البيانات المالية للسنة الجارية والبيانات المالية الأخرى المستخدمة في عملية المقارنة ، فان هذه الاختلافات يشار اليها عادة بالتقلبات غير العادية. واحد الأسباب المحتملة لهذه التقلبات هو وجود خطا محاسبي او غش او تلاعب لذلك اذا كانت التقلبات غير العادية كبيرة فان على المراجع تحديد سببها ويقنع نفسه ان سببها هو حدث اقتصادي مقبول وليس غش او خطا.
مثلا ، عندما يجد المراجع انه على الرغم من ان تكلفة المبيعات زادت في السنة الجارية عن السنة السابقة فانها لا تتناسب مع الزيادة في الإيرادات كما لو كانت نسبة تكلفة المبيعات في السنة الماضية مثلا 31% من المبيعات بينما في السنة الحالية 28% من المبيعات رغم زيادة القيمة المطلقة كما لو زادت تكلفة المبيعات من 3,100,000 الى 4,200,000 ، وزادت المبيعات من 10,000,000 الى 15,000,000 على التوالي مما أدى إلى زيادة صافي الدخل فان ذلك يجعله يبحث عن سبب انخفاض المبيعات كنسبة من الإيرادات ، فقد يكون سبب هذا الانخفاض الزيادة في سعر البيع او انخفاض في تكلفة الإنتاج ، ومع ذلك قد يكون هناك تلاعب مثل إثبات مبيعات وهمية او عدم إثبات بعض المشتريات او إثبات مخزون وهمي او المغالاة في تقييم المخزون.
د. تقليل الاختبارات التفصيلية ... عندما لا يجد المراجع تقلبات غير عادية فان معنى ذلك احتمال وجود أخطاء مادية او تلاعب يكون منخفض وبذلك يقوم المراجع بتقليل الاختبارات التفصيلية التي يجريها على أرصدة الحسابات.
هـ. تخفيض تكلفة أداء عملية المراجعة ... يعتر أسلوب الفحص التحليلي ارخص أنواع الاختبارات تكلفة نظرا لامكانية القيام بها مكتبيا دون الحاجة للانتقال الى مقر المنشاة .
3. مراحل المراجعة التي يستخدم فيها الفحص التحليلي
يمكن للمراجع ان يستخدم أسلوب الفحص التحليلي في أي مرحلة من مراحل المراجعة التالية :
أ. في مرحلة التخطيط ... يسعى المراجع في هذه المرحلة الى تحديد طبيعة وتوقيت ومدى إجراءات المراجعة وذلك بناء على دراسته لطبيعة العمل لدى العميل من واقع الأحداث والعمليات المختلفة وتقسيم العمل والرقابة الداخلية ، وكذلك التعرف على مواطن الخطر التي قد تواجه المراجع وذلك ببحث الأرصدة والعلاقات غير العادية وغير المتوقعة في البيانات الإجمالية. ولتحقيق ذلك يلجا المراجع عادة الى المراجعة التحليلية للمساعدة في فهم طبيعة اعمال العميل وتحديد مناطق الخطورة المحتملة وغير المحتملة .
ويعطي المراجع هنا أهمية للعلاقات المتداخلة التالية:
• المبيعات – حسابات المدينين.
• النقدية – حسابات المدينين.
• أوراق القبض – إيرادات الفوائد.
• حسابات المدينين – الديون المعدومة.
• الاستثمارات – إيرادات الاستثمارات.
• المخزون – تكلفة المبيعات.
• الأصول الثابتة – مصروف الاستهلاك.
• حسابات الدائنين – المخزون والمشتريات.
• الفائدة المستحقة – مصروف الفائدة.
• صافي الدخل – مصروف ضرائب الدخل وضرائب الدخل المستحقة.
ان دراسة هذه العلاقات تفيد المراجع في التخطيط للمراجعة حيث يعطي أهمية لمواطن الضعف التي تظهر من تحليله لهذه العلاقات ومدى ما تظهره من علاقات غير عادية.
يتبع...