سعوديون يجدون «زوجة الأحلام» عبر الانترنت

على رغم أن اشقاء الشاب محمد الأربعة تزوجوا من بنات «القبيلة» التي ينتمون إليها، أحدث شقيقهم الخامس «شرخاً اجتماعياً صارخاً»، متجاوزاً مفاهيم وتقاليد راسخة في عقول آباء قبيلتهم الشهيرة، عندما تزوج فتاة من خارج «البيئة»، وتسكن في منطقة تبعد عن مدينته أكثر من 500 كيلومتر.
تعرّف محمد إلى شريكة حياته من خلال موقع إلكتروني على شبكة «الإنترنت»، وأُعجب بها، وأصرّ على ألا يتزوج بغيرها مهما كلفه الأمر.
وتبدأ، عادة، طقوس الزواج في البيئة المحلية السعودية، بعد أن يقرر الشاب دخول «القفص الذهبي»، بالبحث عن فتاة مناسبة من طريق الأم والأخوات، وربما تتسع الدائرة، لتشمل المقربات من الخالات والعمات والجارات، وغالباً ما تقع أعينهن في البداية على إحدى بنات العائلة، أو ضمن البيئة المحيطة بهن، من اللاتي يحبونهن ويثقن بأخلاقهن. إلاّ أن الكثير من الشبان، في الآونة الأخيرة، لم يعودوا يعترفون بتلك الدوائر الاجتماعية «الضيقة»، بحسب وصف بعضهم، حتى باتت بعض الأسر تدخل في «معارك» مع أبنائها، عندما يصدمونها بفتيات جاؤوا بهن من «بيت التكنولوجيا»، من خلال تعرفهم عليهن عبر منتديات وبرامج الإنترنت المختلفة.
ويذهب محمد (27 سنة)، الذي تزوج طالبة جامعية تعرّف إليها من وراء شاشة الكومبيوتر، شهرياً لزيارة منزل والده في الرياض، على رغم أنه اعتبر ابنه «خارجاً عن الطاعة». بيد أن الابن يقول: «لم اكترث كثيراً لأن تكون الفتاة التي اخترتها من غير قبيلتي، أو الحي الذي أسكن فيه، ولم أكن أرغب في أن تخطب لي أمي وأخواتي. وجدت بنفسي الفتاة التي أحلم بها، بعد أن تعرفت اليها من خلال أحد المنتديات الثقافية، وتعرفت الى ثقافتها وأخلاقها».
وإن كانت حالات الزواج عبر الإنترنت «نادرة جداً»، خصوصاً في الوقت الحالي، بسبب رفض عدد من العوائل الزواج بتلك الطريقة. إلا أن عبدالله يقول: «لن اسمح لابنتي بأن تتزوج عبر الإنترنت»، مضيفاً: «إذا سمحت لها بأن تتحدث مع شخص من خلاله، فلماذا إذاً لا أسمح لها بأن تتحدث مع أي رجل آخر في الشارع؟».
ومن جهة أخرى، ينبّه مراقبون للتغيّر الاجتماعي إلى أن «العصر الحالي يختلف كلياً عن السابق، إذ أصبح الشباب السعوديون أكثر انفتاحاً، وصار التخاطب مع الجنس الآخر أمراً أكثر سهولة».
ويؤكد ناصر، أحد المتصفحين الدائمين لشبكة الإنترنت، أن العلاقات بين الشبان والبنات «باتت منتشرة بأساليب حديثة مغايرة تماماً للماضي، وأصبح الشاب، حتى وهو في سن المراهقة، يستطيع أن يتعرف الى عشرات البنات، ومن مختلف المدن والدول، خصوصاً في ظل وجود البرامج المساعدة على ذلك، التي تنعدم معها الحواجز والموانع، التي كانت تردعه في العالم الواقعي».
وأكثر ما تخشاه الكثير من الأسر السعودية، وقوع بناتها في علاقات مع رجال عبر الإنترنت، خصوصاً أن عدداً منهن وقعن ضحايا لشبان، ابتزوهن في وقت لاحق، سواءً بصورهن، أو التسجيلات الصوتية والمرئية لهن.
ويكشف، الناطق باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (الشرطة الدينية) أحمد الجردان: «وجود عدد من الفتيات اللاتي لجأن إلى الهيئة، شاكيات من رجال أوهموهن، في البداية، بالزواج من طريق الإنترنت، ومن ثم طلبوا صورهن الشخصية، واستعملوا كاميرا الفيديو، حتى اكتشفن في النهاية أن هؤلاء يهددون بفضحهن أمام أهلهن والعالم بتلك الصور، ما لم يستجبن لرغباتهم ونزواتهم». ويوضح أن هؤلاء الشبان «يظهرون في البداية كل أشكال الصدق والنيات الحسنة، وفي النهاية يتبين أنه شخص محتال يريد الوصول إلى مآرب أخرى»، مبيناً أن «نسبة كبيرة من اللاتي لجأن إلى الهيئة، بسبب ابتزازهن، كان الإنترنت هو وسيلة الاتصال الأولى بينهن وبين الشباب».
ولا ترى الموظفة الحكومية سارة عبدالعزيز (22 سنة)، في «مواقع الزواج الإلكترونية أي صدقية تذكر، خصوصاً أن كل من هبّ ودبّ يسجل فيها، ويكتب معلومات مغلوطة وكاذبة عن شخصيته». إلا أنها تؤكد أن الانترنت في السعودية «أصبحت وسيلة جديدة للزواج، خصوصاً من خلال تلك المنتديات الهادفة، التي تبين مدى ثقافة وفكر الإنسان»، مضيفة :»لن أمانع بالزواج من شاب التقيته في منتدى محترم، وتابعت ما يكتب مدة طويلة»، مشيرة إلى أن صديقتها «تزوجت من شخص عبر الانترنت قبل عام، ورُزقا بطفل».
وتشهد المجالس السعودية نقاشات بين بعض المهتمين بالشؤون الأسرية، حول «التغيرات في قناعات الأبناء لتلك العادات والتقاليد التي تفرض نفسها على الجميع، وبأن يتزوجوا بالطريقة نفسها التي تزوج بها أسلافهم». ويطرح شبان سعوديون بين الفينة والأخرى، أسئلة من قبيل: هل يستطيع أحدنا أن يقرر إذا ما كانت خطيبته ملائمة له، وتستطيع أن تكون شريكة حياته من خلال مجموعة لقاءات بسيطة لا تتجاوز عدد أصابع اليد، ومكالمات هاتفية، بخاصة في فترة ما قبل عقد القران، وهي الفترة المغلفة عادة بالود والخجل والحياء؟ وهل ما زال الشبان واثقين بذوق أمهاتهم وأخواتهم لفتاة الأحلام، خصوصاً مع المغريات العديدة من حولهم؟
وتبقى العقبة الأساسية في حياة الشاب، الذي يختار بنتاً من «بيت التكنولوجيا»، ان يعرف كيف يتجرأ ويعرض الأمر على أهله، وإقناعهم بقراره الزواج بفتاة تعرّف إليها من طريق الإنترنت.

:sdgf1: