أطلق الاتحاد الأوروبي ، يوم الجمعة الماضي ، نموذج مكتبته الرقمية ، تحت اسم "أوروبيانا". وسوف يكتفي رواد الإنترنت بالاطلاع منذ الآن ، على ما لا يقل عن مليونين من الأعمال الرقمية ، التي سقطت عنها حقوق التاليف والنشر ، لقد منحت أكثر من 1000 مؤسسة ، ومنها على الخصوص ، مكتبة فرنسا الوطنية - علما بأن فرنسا هي صاحبة المبادرة في هذا المشروع - وثائق ومطبوعات عديدة ، لـ "أوروبيانا" ، ومن بين المحتويات الأولى لهذه الوثائق والمطبوعات ، نجد ، إلى جانب الأعمال الأدبية ، مثل كوميديا دانتي الإلهية ، أعمالا فنية عديدة ، مثل "فتاة الدرّ" للفنان "فيرمير" ، ووثائق تاريخية مثل "مانيا كارتا" البريطانية ، وتسجيلات ، أو مخطوطات ثمينة ، لبيتهوفن ، وموزارت ، وشوبين ، أو صورا لسقوط حائط برلين.
وهدف هذه المكتبة الرقمية ، منذ الآن ، ولغاية سنة 2010 ، الوصول إلى 6 ملايين عمل ، مع تطوير وتحسين محتويات الموقع ، حتى يحصل رواد الموقع على المعلومات التي يرغبوم فيها ، بالإضافة إلى تأمين تعدد اللغات ، ومن المتوقع أن تستثمر بروكسل في هذا المشروع 120 مليون يورو ، ما بين عامي 2009 2010و لتحسين وتطوير تكنولوجيات النظام الرقمي ، 40و مليون يورو في تقنيات تعدد اللغات ، مثل الترجمة الأوتوماتيكة التي ستصبح متاحة في 23 لغة ، وفي خلال عامين سيتم حل مسألة المحتويات الحديثة التي ما تزال تطرح مشاكل تتعلق بحقوق التأليف والنشر ، من خلال اتفاقيات سوف توقع مع الناشرين.
موقع "أوروبيانا" الجديد سوف يحملنا في رحلة عبر الزمن ، وعبر الحدود." هكذا تقول فيفيان ريدينغ ، عضو اللجنة المكلفة بشركة الاعلام الآلي والوسائط ، حيث أن الموقع "سيربط بين الناس وبين تاريخهم" وفضلا عن ترقية "التنوع الثقافي الأوروبي" ، سوف يتيح موقع "أوروببيانا" لأوروبا ، مواجهة العملاق الأميركي "غوغل". ففي خلال العام 2004 أطلق هذا الأخير ، موقعه "غوغل بوك للبحث". وبعد مرور أربعة أعوام ، صار يمتلك 7 ملايين من الكتب الرقمية ، المنبثقة من مكتبات أميركية عديدة.
والواقع أن نجاح "غوغل" هو الذي جعل أوروبا تتفاعل وتتحرك ، فمنذ العام 2005 ، واستجابة لنداء وجهه الرئيس الفرنسي السابق ، جاك شيراك وخمسة رؤساء دول آخرين (اسبانيا ، هونغاريا ، ألمانيا ، إيطاليا وبولونيا) ، قرر الاتحاد الأوروبي أن ينشئ "ذاكرة اوروبا" ، وأن يجعل التراث الأوروبي متاحا ، حتى لا يظل هذا التراث ، كما يقول برون راسين ، رئيس مكتبة فرنسا الوطنية ، حكراً على تجار لا يشكل التنوع الثقافي انشغالهم الأول ، وتجدر الإشارة ، إلى أن العملية الرقمية مهمة عملاقة وشاقة ، حيث أنه لا يتوفر في المكتبات الوطنية الأوروبية ، في شكل رقمي ، سوى جزء قليل جدا من الكتب والمخطوطات.
وفضلا عن ذلك ، فإن جزءا لا يستهان به من الأعمال يوصف بأنه "يتيم" ، لأن هذه أعمال لا تملك أية حقوق ، وهي ، بحكم ذلك ، غير قابلة لأن تنشر على شبكة الإنترنت. هذا وقد كانت فرنسا قد انطلقت في وقت سابق ، في مغامرة تجربة النظام الرقمي لكتبها ، حيث وضعت مكتبة فرنسا الوطنية ، في شهر أذار 2007 ، بضعة آلاف من الكتب الفرنسية ، والنمساوية ، والبرتغالية ، على شبكة الإنترنت. في هذا الشأن يقول برونو راسين "مكتبتنا الرقمية الخاصة ، "غاليكا" ، سوف تغذي شبكة "أوروبيانا ، لكننا سنثريها بفائض من النصوص ، لمساعدة رواد البحث على شبكة الإنترنت." وسوف يستثمر برونو راسين ، خبرته الطويلة في هذا المجال ، في مساعدة اللجنة على حل مسألة حقوق المؤلفين المعقدة ، إذ يقول هذا الأخير في هذا الصدد:"ينبغي أن يكون كل شيء قابلا لأن يطلع عليه من شاء أن يطلع ، حتى ولوكان ذلك بمقابل" ، يضيف بورنو راسين.