أقرب التفاسير إلى الكتاب والسنة
سئل شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيميه رحمه الله عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة : الزمخشري، أم قرطبي ،أم البغوي، أم غير هؤلاء؟ فأجاب تغمده الله برحمته ورضوانه: الحمد الله ، أما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري . فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير ، والكلبي .
والتفاسير غير المأثور بالأسانيد كثيرة : كتفسير عبد الرزاق ، و عبد بن حميد ، و وكيع ، و ابن أبي قتيبة ، و أحمد بن حنبل ، و إسحاق بن راهويه .
وأما التفاسير الثلاثة المسئول عنها فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة (البغوي) ، لكنه مختصر من ( تفسير الثعلبي) وحذف منه الأحاديث الموضوعة ، والبدع التي فيه، وحذف أشياء غير ذلك .
وأما ( الواحدي)فإنه تلميذ الثعلبي ، وهو أخبر منه بالعربية ، ولكن الثعلبي فيه سلامة من البدع ، وإن ذكرها تقليدا لغيره . وتفسيره وتفسير الواحدي البسيط والوجيز فيها فوائد جليلة ، وفيها غث كثير من المنقولات الباطلة وغيرها.
وأما الزمخشري فتفسيره محشو بالبدعة ، وعلى طريقة المعتزلة من إنكار الصفات ، والرؤية ، والقول بخلق القرآن ، وأنكر أن الله مريد للكائنات ، خالق لأفعال العباد ، وغير ذلك من أصول المعتزلة .
وأصولهم خمسة يسمونها : التوحيد ، والعدل ، والمنزلة بين المنزلتين ، وإنقاذ الوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لكن معنى( التوحيد) عندهم يتضمن نفي الصفات ، ولهذا سمى ابن التومرت أصحابه الموحدين ، وهذا إنما هو إلحاد في أسماء الله وآياته.
ومعنى (العدل) عندهم يتضمن التكذيب بالقدر ، وهو خلق أفعال العباد ، وإرادة الكائنات ، والقدر على شيء منهم من ينكر تقدم العلم والكتاب ، لكن هذا قول أئمتهم ،هؤلاء كنصب الزمخشري فإن مذهبه مذهب االمغيرة بن وعلي وأبي هاشم وأتباعهم ومذهب أبي الحسين والمعتزلة الذين على طريقته نوعان مشايخية وخشبية ,
وأما (المنزلة بين المنزلتين) فهي عندهم أن الفاسق لا يسمى مؤمنا بوجه من الوجوه ، كما لا يسمى كافرا ، فنزلوه بين منزلتين .
(وإنفاذ الوعيد) عندهم معناه أن الفاسق الملة مخلدون في النار ، لا يخرجون منها بشفاعة ولا غير ذلك كما تقول الخوارج.
و( الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ) يتضمن عندهم جواز الخروج على الأئمة ، وقتالهم بالسيف.
وهذه الأصول حشا بها الزمخشري كتابه بعبارة لا يهتدي أكثر إليها ، ولا لمقاصده فيها ، مع ما فيه من الأحاديث الموضوعة ، ومن النقل عن الصحابة والتابعين.
و تفسير القرطبي خير منه بكثير ، وأقرب إلى طريقة أهل الكتاب والسنة ، وأبعد عن البدع . وإن كان كل من هذه الكتب لا بد أن يشتمل على ما ينقد ، لكن يجب العدل بينها ، وإعطاء كل ذي حق حقه.
و تفسير ابن عطية خير من تفسير الزمخشري ، وأصح نقلا وبحثا ، وأبعد عن البدع . وإن اشتمل على بعضها ، بل هو خير منه بكثير ، لعله أرجح هذه التفاسير ، لكن تفسير ابن جرير أصح من هذه كلها .
وثم تفاسير أخر كثيرة جدا ، كتفسير ابن الجوزي ، والماردي.
من كتاب مقدمة في علم التفسير للشيخ أحمد بن عبد الحليم بن عبدالسلام الحرني